للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إخوانهم بالفضيلة في العلم والبيان والتحقيق والعرفان، والسلف بالنقص في ذلك والتقصير فيه» (١).

فتبين أن قول أهل السنة: (إن طريقة السلف أسلم وأعلم) لم يقصدوا بذلك تقديمها على النصوص، وإنما أرادوا أنها أعلم من طريقة الخلف، والمالكي باعتراضه هذا لن يسلم من أحد أمرين: إما الجهل بحقيقة هذه المقالة؛ فهو يتكلم بما لا يعلم، وإما أنه يعلم معناها الصحيح، ولكن أراد الكذب والتلبيس على عامة الناس، فحاله دائر بين الجهل والكذب، وقد يجمع بينهما في جملة أقواله الأخرى المنحرفة.

الوجه الرابع: قوله: «ويعنون بالسلف مجموعة العلماء الذين نقلدهم مع إهمال الأكثرية من السلف».

قلت: لم يسمِّ الأكثرية من السلف الذين زعم أن أهل هذه البلاد أهملوهم، مع أن هذا الكلام باطل من أصله؛ لأنه إن سلم أن أهل هذه البلاد اتبعوا بعض السلف فهم متبعون لجميعهم؛ لأنه ليس بين السلف اختلاف في أصول الدين والاعتقاد كما صرح بذلك الأئمة.

يقول ابن المبارك في وصف عقيدة أهل السنة: «أدركت الناس بمكة، والمدينة، والكوفة، والبصرة، ومصر، وخراسان، فأدركتهم مجتمعين على السنة والجماعة» (٢).

ويقول الإمام البخاري : «لقيت أكثر من ألف رجلٍ من أهل العلم: أهل


(١) مجموع الفتاوى (٤/ ١٥٧).
(٢) اعتقاد عبد الله بن المبارك، ضمن اعتقاد أئمة السلف، جمع: د/ محمد الخميس (ص ٣٥).

<<  <   >  >>