للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحجاز، ومكة، والمدينة، والكوفة، والبصرة، وواسط، وبغداد، والشام، ومصر، لقيتهم كرات قرنًا بعد قرنٍ، ثم قرنًا بعد قرنٍ، أدركتهم وهم متوافرون منذ أكثر من ست وأربعين سنة … فما رأيت واحدًا منهم يختلف في هذه الأشياء» (١). ثم ساق معتقد أهل السنة.

ويقول أبو المظفر السمعاني: «ومما يدل على أن أهل الحديث هم على الحق: أنك لو طالعت جميع كتبهم المصنفة من أولهم إلى آخرهم، قديمهم وحديثهم مع اختلاف بلدانهم وزمانهم، وتباعد ما بينهم في الديار، وسكون كل واحدٍ منهم قطرًا من الأقطار، وجدتهم في بيان الاعتقاد على وتيرةٍ واحدةٍ، ونمطٍ واحدٍ، يجرون فيه على طريقةٍ، لا يحيدون عنها ولا يميلون فيها، قولهم في ذلك واحدٌ، ونقلهم واحدٌ، لا ترى بينهم اختلافًا، ولا تفرقًا في شيءٍ ما وإن قل، بل لو جمعت جميع ما جرى على ألسنتهم ونقلوه عن سلفهم وجدته كأنه جاء من قلبٍ واحدٍ، وجرى على لسانٍ واحدٍ، وهل على الحق دليلٌ أبين من هذا؟!!» (٢).

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: «أما المتبعون للكتاب والسنة من الصحابة والتابعين وتابعيهم: فهم متفقون على دلالة ما جاء به الشرع في باب الإيمان بالله تعالى، وأسمائه وصفاته، واليوم الآخر، وما يتبع ذلك، ولم يتنازعوا في دلالته على ذلك» (٣).

فتبين بهذا بطلان دعوى هذا المفتري؛ إذ ليس بين السلف ومَن سار على


(١) شرح أصول اعتقاد أهل السنة (٢/ ١٩٣).
(٢) الحجة في بيان المحجة لقوام السنة (٢/ ٢٢٤، ٢٢٥).
(٣) درء تعارض العقل والنقل (١/ ١٩٢)، وانظر: (١/ ١٩٥)، (٦/ ٣٦٦).

<<  <   >  >>