وغاية ما عليه المالكي في دعواه بدعية تقسيم التوحيد أنه يجهل الأدلة على تقسيم التوحيد، أما أن ينفي العلم بذلك عن غيره فلا شك أن هذا من طيشه وجرأته على القول على الله بغير علمٍ، والتقدم على العلماء، وهذا سمة كل جاهلٍ.
وأما أهل العلم فإن خفي على أحدهم شيء من العلم نفاه عن نفسه ولم يسارع إلى نفيه عن غيره، بل يسنده إلى عالمه، والمالكي في هذه المسألة جمع بين الجهل بها، وجهله علم غيره بِها، وهذا ما يسميه العلماء ب:(الجهل المركب)، الذي يكون حال صاحبه أنه لا يدري، ولا يدري أنه لا يدري.
وكذلك دعوى المالكي:(أن أول مَنْ أحدث هذا التقسيم للتوحيد الحنابلة في القرن الثامن الهجري)، دعوى كاذبة؛ كدعواه أن هذا التقسيم مبتدع، فقد جاء في كلام السلف المتقدمين الذين عاشوا في عصور كانت قبل القرن الثامن بكثيرٍ ما يشهد لصحة تقسيم التوحيد إلى الأقسام الثلاثة.
يقول الإمام الطحاوي المتوفى سنة (٣٢١ هـ): «نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله: إن الله واحد لا شريك له، ولا شيء مثله، ولا شيء يعجزه، ولا إله غيره»(١).
ففي كلام الإمام الطحاوي هذا إشارة إلى أنواع التوحيد الثلاثة، وهو من أئمة الحنفية.
ففي قوله:«إن الله واحد لا شريك له»: هذا تقرير للتوحيد على وجه الإجمال، مع نفي المشاركة له فيما يختص به، ثم انتقل بعد ذلك للتفصيل في كل نوعٍ من أنواع التوحيد:
(١) متن العقيدة الطحاوية مع شرحها لابن أبي العز الحنفي (ص ٢١، ٥٧، ٦٨، ٧٢).