للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ففي قوله: «لا شيء مثله»: تقرير لتوحيد الأسماء والصفات، الذي مداره على نفي مماثلة المخلوق للخالق فيما يستحقه من الأسماء الحسنى والصفات العليا، كما قال تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١].

وفي قوله: «ولا شيء يعجزه»: تقرير لتوحيد الربوبية؛ فإن نفي العجز عن الله متضمن إثبات كمال قدرة الخالق على كل شيء، وملكه وقهره له، وهذا هو حقيقة توحيد الربوبية، ولهذا كان من الأدلة المشهورة لإثبات القدرة للرب بطريق العقل (الاستدلال بالخلق)؛ لأن من لوازم كونه خالقًا أن يكون قادرًا.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في وصف هذا الدليل: «إذا عرف أنه الخالق فمن المعلوم بالضرورة أن الخالق لا يكون إلا قادرًا؛ بل كل فعلٍ يفعله فاعل لا يكون إلا بقوة وقدرة» (١).

وفي قوله: «لا إله غيره»:

تقرير لتوحيد العبادة بنفي الألوهية بحقٍّ عن غير الله، وإثباتها له سبحانه، وهذا صريح توحيد العبادة لله.

وكذا جاء تقرير أنواع التوحيد الثلاثة بما هو أصرح من هذا عن الإمام ابن بطة العكبري المتوفى سنة: (٣٨٧ هـ)، يقول في كتاب: «الإبانة»: «إن أصل الإيمان بالله تعالى الذي يجب على الخلق اعتقاده في إثبات الإيمان به ثلاثة أشياء:

أحدها: أن يعتقد العبد (ربانيته) (٢) ليكون بذلك مباينًا لمذهب أهل التعطيل


(١) مجموع الفتاوى (١٦/ ٣٥٣).
(٢) في المطبوع: (آنيته)، وفي نقل عن النسخة الخطية في (القول السديد في الرد على مَنْ أنكر التوحيد)، لأخينا الدكتور عبد الرزاق البدر: (ربانيته)، وهو الصواب -إن شاء الله- الذي يقتضيه السياق.

<<  <   >  >>