الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث بالهدى ودين الحق وعلى جميع الأنبياء والمرسلين والأصحاب والتابعين.
أما بعد فقد سلخت سنين في دراسة السيدة عائشة، كنت فيها حيال معجزة لا يجد القلم إلى وصفها سبيلا، وأخص ما يبهرك فيها علم زاخر كالبحر بعد غور، وتلاطم أمواج، وسعة آفاق، واختلاف ألوان، فما شئت إذ ذاك من تمكن في فقه أو حديث أو تفسير أو علم بشريعة أو آداب أو شعر أو أخبار أو أنساب أو مفاخر أو طب أو تاريخ. . . إلا أنت واجد منه ما يروعك عند هذه السيدة، ولن تقضي عجبًا من اضطلاعها بكل أولئك وهي لا تتجاوز الثامنة عشرة.
ولست بسبيل بيان ذلك الآن، وإنما أخبرك أني وقعت وأنا أنقب في كنوز المكتبة الظاهرية بدمشق، على مجموعة خطية في آخرها رسالة نفيسة للإمام بدر الدين الزركشي الشافعي بخط المؤلف نفسه؛ قصرها على موضوع واحد: هو استدراكات السيدة عائشة على الصحابة، ولم