للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنته من قراءتها حتى عزمت على نشرها للناس، بل اعتقدت أني أُسأل عن إهمال هذه الذخيرة لأمرين.

أحدهما: توفري على دراسة السيدة عائشة تلك السنوات الطوال.

والثاني: أن أحدًا لن يستطيع حل كتابتها وهي بخط سقيم غامض جدًّا إلا إذا حفظ أكثر أخبار عائشة وأحاديثها، بحيث إذا استطاع قراءة كلمة في سطر عرف من حفظه ما قبلها وما بعدها. لذلك لم تكد الأحوال السياسية تجر إلى إغلاق المدارس في الربع الأول من سنة ١٩٣٩ حتى شغلت وقتي كله بالعكوف على إنجاز هذا العمل. وإلى القارئ الآن كلمة عن الموضوع والمؤلف والنسخة:

[أ - الموضوع]

"من خصائص المرء ذي الطبيعة العلمية؛ أن يكون طُلعَة كثير السؤال، لا يهدأ له بال حتى يرضي طمأنينته ويجلو لنفسه كل خفي مما يحيط به. وكانت السيدة عائشة بهذه الصفة، ساعدها على بلوغ ما بلغت من المعرفة: أنها ربيت في حجر أبي بكر الصديق أعلم الناس بأنساب العرب وأخبار قبائلها وميزات بطونها، فحازت من ذلك علمًا كثيرًا، ثم انتقلت إلى بيت الرسول ومهبط الوحي، فكانت أقرب الناس من معين العلم، فغرفت منه ما لم يتيسر لأحد غيرها، لمكانها منه زوجةً، ولما تفردت به من ذكاء نادر وفكر واسع. وكلما عظم حظ الإنسان من المعرفة، كثر تطلعه إلى ما فوقه. أما الجاهل فليس بمعنى أن يبحث أو يسأل، فإذا أصاب من المعرفة حظًا ما بطريق العرض، كان أبعد الناس عن أن تطلب نفسه مزيدًا أو تثير له شكوكًا أو تحدثه بسؤال يسأله. وقد أوردت السيدة على الرسول ﷺ من الأسئلة في كل ما يمر بها من موضوعات: في الفقه والقرآن والأخبار والمغيبات وأمور الآخرة؛ وفيما يعرض له من أحداث وخطوب، وما يفد عليه من وفود".

<<  <   >  >>