للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الروض: "وعائشة لم تحضر، وغيرها ممن حضر أَحفظ للفظه وقد قالوا له يا رسول الله: "أَتخاطب قومًا قد جيفوا أَو أُجيفوا"؟ فقال "ما أَنتم بأَسمع لما أَقول منهم" وإذا جاز أَن يكونوا في تلك الحال عالمين جاز أَن يكونوا سامعين، إما بآذان رؤُوسهم إذا قلنا إن الروح تعاد إلى الجسد أَو إلى بعضه عند المسأَلة وهو قول جمهور أَهل السنة، وإما بأُذن القلب أَو الروح على مذهب من يقول بتوجه السؤال إلى الروح من غير رجوع منه إلى الجسد أَو إلى بعضه. قال: "وقد روي أَن عائشة احتجت بقوله تعالى ﴿وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ﴾ (١) وهذه الآية كقوله ﴿أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ﴾ (٢) أَي إِن الله هو الذي يهدي ويوفق ويدخل الموعظة إلى آذان القلوب لا أَنت، وجعل الكفار أمواتًا وصمًا على جهة التشبيه بالأَموات وبالصم فالله هو الذي يسمعهم على الحقيقة إذا شاءَ، فلا تعلق لها في الآية لوجهين: أَحدهما أنها إنما نزلت في دعاء الكفار إلى الإيمان، الثاني أَنه إنما نفى عن نبيه أَن يكون هو المسمع لهم، وصدق الله فإنه لا يسمعهم إذا شاءَ إلا هو


(١) سورة فاطر ٣٥، الآية ٢٢.
(٢) سورة الزخرف ٤٣، الآية ٤٠.

<<  <   >  >>