للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشافعي أَدام الله علوه وكبت عدوه إذ لمذهب الشافعي من ثماره أَي روضات، وهو لمحرابه إِمام يتلو فيه من معجز القول آيات. قد أَظهر عرايس فضله المجلوة، وأَبرز نفائس نقله المحبوة، وبهر العقول بدقائقه التي بهرت، وزاد المباحث رونقًا بعبارته التي سحرت الأَلباب وما شعرت، تهدى العلوم إِليه وهو حقيقة أَدرى من المهدي بهن وأَعلم. وكنت في إِهدائه إلى مقامه كمن يهدي إلى البستان أَزهاره؛ وإلى الفلك شموسه وأَقماره، وإلى البحر جدولًا، وإلى السيل وشلًا، ولكن عرضت هذا المصنف على ملك الكلام؛ بل أَمير المؤمنين في الحديث والإِمام،


= وهو صغير في حدود الأربعين وسمع من شيوخ مصر والشام. ولازم المزي والذهبي وأثنى على فضائله وحصل الأجزاء، وتخرج على الشيوخ واشتغل في فنون العلم وتوفي والده سنة تسع وثلاثين وهو صغير فكتبت خطابة القدس باسمه واستنيب له ثم باشر بنفسه وهو صغير وانقطع ببيت المقدس ثم أضيف إليه تدريس الصالحية بعد وفاة العلائي، ثم خطب إلى قضاء الديار المصرية بعد عزل أبي البقاء في جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين وباشره بنزاهة وعفة ومهابة وحرمة. وعزل نفسه فسأله السلطان وترضاه حتى عاد واستمر إلى أن عزل نفسه ثانيًا في شعبان سنة سبع وسبعين وعاد إلى القدس على وظائفه، ثم سئل في العود إلى القضاء فأعيد في صفر سنة إحدى وثمانين فباشرها ثلاث سنين إلى أن عزل نفسه في صفر سنة أربع وثمانين وعاد إلى القدس. ثم خطب إلى قضاء دمشق والخطابة بعد موت القاضي ولي الدين في ذي القعدة سنة خمس وثمانين، ثم أضيف إلى مشيخة الشيوخ بعد سنة من ولايته وقام في أمور كبار تمت له. قال الحافظ ابن حجر: "عزل نفسه في أثناء ولايته غير مرة ثم يسأل ويعاد وكان محببًا إلى أُناس، وإليه انتهت رياسة العلماء في زمانه، فلم يكن أحد يدانيه في سعة الصدر وكثرة البذل وقيامة الحرمة والصدع بالحق وقمع أهل الفساد مع المشاركة الجيدة في العلوم. واقتنى من الكتب النفيسة بخطوط مصنفيها وغيرهم ما لم يتهيأ لغيره" ا هـ. وجمع تفسيرًا =

<<  <   >  >>