للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للأَحاديث الأُخَر في بكاء النبي على جماعة من الموتى وإقراره على البكاء عليهم. وكان رحمة للعالمين فمحال أَن يفعل ما يكون سببًا

لعذابهم أَو يقر عليه. وهذا مرجح آخر لرواية عائشة. وعائشة جزمت

بالوهم. واللائق لنا في هذا المقام التأْويل، وهل حمل الأَحاديث المخالفة لها إما على من أوصى بذلك فعليه إثم الوصية بذلك لأَنه قد تسبب إلى وجوده، وإما غير ذلك مما ذكره العلماء في كتبهم. والذي يؤكد قول عائشة في "وَهِم" قولها: "إنه قال لرجل مات يهوديًا: "إن الميت ليعذب". بلام العهد فالظاهر أَن ابن عمر خفي عله موت اليهودي فحملها (١) على الاستغراق. ونظير هذا ما رُوي أنه رأَى تاجرا يبخس الناس في البيع فقال: "التاجر فاجر" يعني ذلك الرجل، فرواه بعضهم على أَنه للاستغراق. ذكر هذا فخر الدين الرازي في بعض كتبه الأُصولية وجعله من أَسباب الغلط في الرواية. ولا شك أَنه من أَسبابه، لكن هذا الحديث ليس من هذا الباب فإن في السنن: "التاجر فاجر إِلا مَن برَّ وصدق" وهذا يدل على إرادة الاستغراق لوجود الاستثناء فيه

(الحديث الثاني): أخرجا أَيضًا عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أَبيه قال: سمعت ابن عمر يقول: "لأَن أُصبحَ مطليًا بقطران أَحب إلي من أَن أصبح محرمًا أنضخ طيبًا" قال: فدخلت على عائشة فأَخبرتها بقوله، فقالت: "طيَّبْتُ رسول الله فطاف على نسائه ثم أَصبح محرمًا" وفي لفظ البخاري: ذكرته لعائشة فقالت: "يرحم الله أبا عبد


(١) أي ال التعريف.

<<  <   >  >>