للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وأما العدالة} فهي وسط بين الظلم والإنظلام، أما الظلم فهو التوصل إلى كثرة المقتنيات من حيث لا ينبغي كما لا ينبغي. وأما الإنظلام فهو الإستحذاء والإستماتة في المقتنيات لمن لا ينبغي وكما لا ينبغي. ولذلك يكون للجائر أموال كثيرة لأنه يتوصل إليها من حيث لا يجب ووجوه التوصل إليها كثيرة. وأما المنظلم فمقتنياته وأمواله يسيرة جدا لأنه يتركها من حيث لا يجب. وأما العادل فهو في الوسط لأنه يقتني الأموال من حيث يجب. ويتركها من حث لا يجب. فالعدالة فضيلة ينصف بها الإنسان من نفسه ومن غيره من غير أن يعطي نفسه من النافع أكثر وغيره أقل. وأما في الضار فبالعكس وهو أن لا يعطي نفسه أقل وغيره أكثر لكن يستعمل المساواة التي هي تناسب ما بين الأشياء ومن هذا المعنى اشتق اسمه أعني العدل.

وأما الجائر فأنه يطلب لنفسه الزيادة من المنافع ولغيره النقصان منها وأما في الأشياء الضارة فإنه يطلب لنفسه النقصان ولغيره الزيادة منها. فقد ذكرنا الأخلاق التي هي خيرات وفضائل وأطرافها التي هي شرور ورذائل على طريق الإيجاز وحددنا ما يحد منها ورسمنا ما يرسم وسنشرح كل واحد منها على سبيل الإستقصاء فيما بعد إن شاء الله تعالى.

وينبغي أن نلخص في هذا الموضع شكا ربما لحق طالب هذه الفضائل فنقول: أنا قد بينا فيما تقدم أن الإنسان من بين جميع الحيوان لا يكتفي بنفسه في تكميل ذاته. ولا بد له من معاونة قوم كثيرى العدد حتى يتمم به حياته طيبة ويجري أمره على السداد.

<<  <   >  >>