إنّا لما وجدنا في الإنسان شياما يضاد أفعال الأجسام وأجزاء الأجسام بحده وخواصه وله أيضا أفعال تضاد أفعال الجسمب وخواصه حتى لا يشاركه في حال من الأحوال وكذلك نجده يباين الأعراض ويضادها كلها غاية المباينة ثم وجدنا هذه المباينة المضادة منه للأجسام والأعراض إنما هي من حيث كانت الأجسام أجساما والأعراض أعراضا حكمنا بأن هذا الشيء ليس بجسم ولا جزء من جسم ولا عرضا وذلك إنه لا يستحيل ولا يتغير وأيضا فإنه يدرك جميع الأشياء بالسوية ولا يلحقه فتور ولا كلال ولانقص {وبيان ذلك} إن كل جسم له صورة ما فإنه ليس يقبل صورة أخرى من جنس صورته الأولى إلا بعد مفارقته الصورة الأولى مفارقة تامة {مثال ذلك} إن الجسم إذا قبل صورة وشكلا من الأشكال كالتثليث مثلا فليس يقبل شكلا آخر من التربيع والتدوير وغيرهما إلا بعد أن يفارقه الشكل الأول وكذلك إذا قبل صورة نقش أو كتابة أو أي شيء كان من الصور فليس يقبل صورة أخرى من ذلك الجنس إلا بعد زوال الأولى وبطلانها ألبته فإن بقي فيه شيء من رسم الصورة الأولى لم يقبل الصورة الثانية على التمام بل تختلط به الصورتان فلا يخلص له إحداهما على التمام {مثال ذلك} إذا قبل الشمع صورة نقش في الخاتم لم يقبل غيره من النقوش إلا بعد أن يزول عنه رسم النقش الأول