وكذلك الفضة إذا قبلت صورة الخاتم وهذا حكم مستقيم مستمر في الأجسام. ونحن نجد أنفسنا تقبل صور الأشياء كلها على اختلافها من المحسوسات والمعقولات على التمام والكمال من غير مفارقة للأولى ولا معاقبة ولا زوال رسم بل يبقى الرسم الأول تاما كاملا وتقبل الرسم الثاني أيضا تاما كاملا ثم لا تزال تقبل صورة بعد صورة أبدا دائما من غير أن تضعف أو تقصر في وقت من الأوقات عن قبول ما يرد ويطرأ عليها من الصور بل تزداد بالصورة الأولى قوة على ما يرد عليها من الصورة الأخرى وهذه الخاصة مضادة لخواص الأجسام ولهذه العلة يزداد الإنسان فهما كلما ارتاض وتخرج في العلوم والآداب فليست النفس إذا جسما فأما إنها ليست بعرض فقد تبين من قبل أنالعرض لا يحمل عرضا لأن العرض في نفسهمحمول أبا موجود في غيره لا قوام له بذاته وهذا الجوهر الذي وصفنا حاله هو قابل أبدا حامل أتم وأكمل من حمل الأجسام للأعراض. فإذا النفس ليست جسما ولا جزأ من جسم ولا عرضا وأيضا فإن الطول والعرض والعمق الذي به صار الجسم جسما يحصل في النفس في قوتها الوهمية من غير أن تصير به طويلة عريضة عميقة ثم تزداد فيها هذه المعاني أبدا بلا نهاية فلا تصير بها أطول ولا أعرض ولا أعمق بل لا تصير بها جسما ألبتة ولا إذا تصورة أيضا كيفيات الجسم تكيفت بها. أعني إذا تصورت الألوان والطعوم والروائح لم تتصور بها كما تتصور الأجسام ولا يمنع بعضها قبول بعض من أضدادها كما يمنع في الجسم بل تقبلها كلها في حالة واحدة بالسواء. وكذلك حالها في المعقولات فإنها تزداد بكل معقول تحصله قوة على قبول غيره دائما أبدا بلا نهاية وهذه حالة مقابلة لا حوال الأجسام وخاصة في غاية البعد من خواصها،