وقال:" الناس كأسنان المشط وفي بعضها كأسنان الحمار وإنما يتفاضلون بالعقل. ولا خير في صحبة من لا يعرف لك من الفضل ما تعرف له " وفي نظائر هذه أشياء كثيرة تدل على هذا المعنى وأن الشاعر الذي قال: (ولم أر أمثال الرجال تفاوتا إلى المجد حتى عد ألف بواحد) وإن كان عنده أنه قد بالغ فإنه قد قصر. والخبر الخمروي عن النبي عليه الصلاة والسلام " إني وزنت بأمتي فرجحت بهم " أصدق وأوضح. وليس هذا في الإنسان وحده بل في كثير من الجواهر الأخر. وإن كان في الإنسان أكثر وأشد تفاوتا فإن بين السيف المعروف بالصمصام وبين السيف المعروف بالكهام تفاوتا عظيما. وكذلك الحال في التفاوت الذي بين الفرس الكريم وبين البرذون المقرف فمن أمكنه أني رقى بالصناعة منأدون هذه الجواهر مرتبة إلى أعلاها فاشرف به وبصناعته ما أكرمه وأكرمها. فأما الإنسان من بين هذه الجواهر فهو مستعد بضروب من الإستعدادات لضروب من المقامات. وليس ينبغي أن يكون الطمع في إستصلاحه على مرتبة واحدة وهذا شيء يتبين فيما بعد بمشيئة الله وعونه. إلا أن الذي ينبغي أن يعلم الآن أن وجود الجوهر الإنساني متعلق بقدرة فاعله وخالقه تبارك وتقدس إسمه وتعالى.