ثم الوصول به إلىمعرفة الخلائق وطباعها ثم التعلق بها والتوسع فيها والتوصل منها إلى العلوم الإلهية وحينئذ تستعد لقبول مواهب الله عزوجل وعطاياه فيأتيك الفيض الإلهي فتسكن عن قلق الطبيعة وحركاتها نحو الشهوات الحيوانية وتلحظ المرتبة التي ترقيت فيها أولا فأولا من مراتب الموجودات. وعلمت ان كل مرتبة منها محتاجة إلى قبلها في وجودها وعلمت أن الإنسان لا يتم له كماله إلا بعد أن يحصل له ما قبله وإذا صار إنسانا كاملا وبلغ غاية أفقه أشرق نور الأفق الأعلى عليه وصار إما حكيما تاما تأتيه الإلهامات فيما يتصرف فيه من المحاولات الحكمية والتأييدات العلوية في التصويرات العقلية وإما نبيا مؤيدا يأتيه الوحي على ضروب المنازل التي تكون له عند الله تعالى ذكره. فيكون حينئذ واسطة بين الملأ الأعلى والملأ الأسفل. وذلك بتصوره حال الموجودات كلها والحال التي ينتقل إليها من حال الإنسية ومطالعة الآفاق التي ذكرناها. وحينئذ يفهم عن الله عزوجل قوله (فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة أعين) وتصور معنى قوله صلى الله عليه وسلم (هناك مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) وإذا بلغ الكلام إلى ذكر هذه المنزلة العالية الشريفة التي أهل الإنسان لها ونسقنا أحواله التي يترقى فيها وأنه يكون أولا بالشوق إلى المعارف والعلوم فينبغي أن نزيد في بيانه وشرحه فنقول: