ثم هرب في أثناء الليل إلى بعض الحصون فركب الأفرم والفارقاني بمن معهما وسارا في طلبه ثلاثة أيام مجدين فلما أحس بهم ترك أمه وأخته وابنة أخيه جنكو ونجا بنفسه وابنه وأخذوا حريمه ورجعوا إلى دنقلة وملكوا شكندة ورتبوه على كل بالغ في البلاد ديناراً في السنة جزية وأن يحمل إلى السلطان في كل سنة عدة كثيرة من الهجن والبقر والعبيد وقرروا مع صاحب بلاد الجبل وكان مبايناً لداؤد أن يكون دووبريم، وهما قلعتان حصينتان بغرب أسوان بينهما سبعة أيام خاصاً للملك الظاهر، وفوضوا إليه نيابة السلطنة فيهما ومتى قصده عدو نجدته العساكر، ثم عاد الأميران ومن معهما إلى القاهرة في خامس ذي الحجة ومعهما أخو الملك داود في برج بقلعة الجبل ثم وصل بعد أيام أم داؤد وأخته وابنة أخيه فحبسوا، ثم وصل السبي فبيع بمائة وعشرين ألف درهم، وأمر الملك الظاهر أن لا يباع منهم شيء على يهودي ولا على نصراني وأن لا يفرق بين المرأة وأولادها، ولما هرب الملك داؤد قصد صاحب الأنواب وهو ملك ملوك النوبة فقبض عليه وسيّره إلى الملك الظاهر فوصل يوم الثلاثاء ثاني المحرم سنة خمس وسبعين فحبس في بعض أبراج القلعة وتقدم السلطان إلى الصاحب بهاء الدين باستخدام عمال على ما يستخرج من الجزية والخراج بدنقلة وأعمالها وأن يجمّل إليها من فوض الصناع والفلاحين والبياعين.
وفي العشر الآخر من شهر رجب شنق الطواشي شجاع الدين عنبر المعروف بصدر الباز، وسبب ذلك أنه كان من خواص الخدام المباشرين لدور الملك الظاهر فبلغه عنه أنه يشرب الخمر بالبلغة مع جماعة من الخدام