حكي أن الملك الناصر صلاح الدين يوسف - رحمه الله - قال له بدمشق: يا تاج الدين بلغني أنك تقدر على ست مائة ألف دينار، فقال: لا وحياة رأسك ما أقدر على هذا. قال: فبحياتي على كم تقدر؟ قال: وحياتك أقدر على على أربع مائة ألف دينار. وكان له ببغداد أملاك جليلة وأموال ومتاجر وعنده شح شديد بالنسبة إلى كثرة أمواله ولم يشتهر عنه أنه فعل شيئاً يتقرب به أرباب الدنيا إلى الله تعالى من وقف أو صدقة ولا أوصى بذلك بعد وفاته - رحمه الله وإيانا، وتمزقت امواله وذهبت شر مذهب.
محمد بن أبي الحسن بن البعلبكي ليث الدولة مقدم بعلبك. كان رجلاً شجاعاً مقداماٌ خبيراً بالحروب وتقدمة الرجال صبوراً فيها، صادق اللهجة كثير الصوم، كان صومه أكثر من فطره، عنده ديانة وتعبد وتشيع. توفي ببعلبك ليلة الأربعاء مستهل صفر، ودفن يوم الأربعاء ظاهر باب حمص من مدينة بعلبك، وهو في عشر الثمانين - رحمه الله، وكان أمير عشرين فارساً، وإذا حضر في حرب ترجّل وقاتل راجلاً. لم يكن في وقته من يضاهيه في الرجلة والشجاعة وكرم الطباع وقوة النفس والصبر على المكاره.
[السنة السادسة والسبعون وست مائة]
دخلت هذه السنة يوم الجمعة والخليفة والملوك على القاعدة في السنة الخالية خلا صاحب تونس فإنه توفي وقد ذكرناه، وولى بعده ولده أبو زكريا يحيى.