يوسف بن عبد الله بن عمر أبو يعقوب جمال الدين الزواوي المالكي قاضي القضاة. كان إماماً عالماً فاضلاً، ديناً صالحاً مشتغلاً، كثير الكتب، عاقلاً، عارفاً بالأحكام والأمور، كريماً، ملازماً لبيته، قليل الحكومات والإثبات، يجلس في الجمعة مرة واحدة، وكان ابن عم الشيخ زين الدين الزواوي ناب عنه في الحكم مدة، ثم عزل الشيخ نفسه، فاستمر جمال الدين يحكم مدة سنين بإذن السلطان من غير تولية مستقلة، وكان يداري الشيخ زين الدين، ويخدمه، ويهاديه، ثم سعى لنفسه في الاستقلال، فأجيب إلى ذلك في حياة الشيخ، فاستمر واتفق له حج هذه السنة، فلما كان يوم الخميس ثالث ذي القعدة، توفي وهو راكب في المحارة ذاهباً في الطريق، ودفن بعد نزول الحاج في الفلاة بعد رحلتهم من حفر المعظم، وكان دفنه بعد عشاء الآخرة من ليلة الجمعة رحمه الله تعالى.
[السنة الرابعة والثمانون وستمائة]
إستهلت هذه السنة، والخليفة والملوك على القاعدة في السنة الخالية سوى الملك أحمد بن هولاكو، فإنه قتل، وترتب مكانه أرغون بن أبغا، وسوى الملك المنصور صاحب حماة، فإنه توفي في السنة الخالية على ما تقدم، واسنقر عوضه ولده الملك المظفر تقي الدين محمود، والملك سيف الدين قلاوون قد خرج من الديار المصرية إلى الشام، ودخل دمشق يوم السبت ثاني وعشرين من المحرم بالعساكر المصرية، وعرض العسكر الشامي مدة أيام، وخرجوا جميعاً يوم الاثنين ثاني صفر قاصدين المرقب، وكان قد بقي