الإنشاء، وهو: بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب مبارك تحاسدت رماح الحظ وأقلام الخط على تحريره، وتنافست مطالع النوار ومشارق الأنوار على إبداء سطوره، فأضاء نوره بالجلالة وأشرق، وهطل نوره بالإحسان فأغدق، تناشبت فيه أجناس تجنيس لفظ الفضل، فقال الاعتراف هذا ما تصدق وقال العرف هذا ما أصدق، مولانا السلطان أصدقها بما يملأ خزائن الإحسان فخارا، وشجرة الأنساب ثماراً، ومشكاة الجلالة أنواراً، فبدل لها من الغير المصري ما هو أقاليم ومدائن أنوارا، وأضاف إلى ذلك ما لولا أدب الشرع لكان باسم والده قد تشرف، وبنعوته قد تعرف، وبين يدي هباته وتصدقاته قد تصرف.
وكان العقد قاضي القضاة صدر الدين الحنفي. وانفصل ذلك اليوم عن سرور تام فبشر بما بعده من التهاني والأفراح والأمور التي تزيد على الأفراح.
وفي العشر الأول من ذي الحجة بلغ الملك الظاهر أن جماعة من الذين استخدمهم بحصن الكرك من الخرخية والجندارية والخراسانية والإسباسلارية وغيرهم سولت لهم أنفسهم أن يثبوا في الحصن، ويقتلون من به من النواب ويسلمونه لأخ كان للملك القاهر بن الملك المعظم من أمه لكونه ينتسب إلى الملك الناصر داود وكان يقيم معهم بالكرك لا يؤبه به، فخرج الملك الظاهر من القاهرة يوم الخميس ثالث عشر ذي الحجة