يوم الأحد ثاني عشر ذي الحجة واجتمع بالسلطان غياث الدين، والصاحب فخر الدين، والأتابك مجد الدين، والأمير جلال الدين المستوفي، والأمير بدر الدين ميكائيل النائب، فأخبرهم بالكسرة، وأوحى إليهم أن المغل المنهزمين متى دخلوا قيصارية فتكوا بمن فيها حنقاً على المسلمين، واشار عليهم بالخروج منها. فخرج السلطان غياث الدين بأهله وماله إلى دوقات، وبينها وبين قيصارية مسيرة أربعة أيام. ونظم الشعراء في هذه الواقعة عدة قصائد، فمن عقل في ذلك المولى شهاب الدين محمود كاتب الدرج بالشام:
كذا فلتكن في الله عز العزائم ... وإلا فلا تجفو الجفون الصوارم
عزائم حازتها الرياح فأصبحت ... مخلّفة تبكي عليها الغمائم
سرت من حمى مصر إلى الروم فاحتوت ... عليه سورات الظبا واللهاذم
بجيش تظل الأرض منه كأنها ... على سعة الأرجاء في الضيق خاتم
كتائب كالبحر الخضمّ جيادها ... إذا ما تهادت موجه المتلاطم
تحيط بمنصور اللواء مظفّر ... له النصر والتأييد عبد وخادم
مليك يلوذ الدين من عزماته ... بركن له الفتح المبين دعائم
مليك لأبكار الأقاليم نحوه ... حين كذا تهوى الكرام الكرائم
فلم قطبت طوعاً وكراً جياده ... معاقل قرطاها السها والنعائم
مليك له بالدين في كل ساعة ... بشائر وللكفارمنها مآتم