ابنة بركة خان في محفة، وفي خدمتها الأمير شمس الدين قرا سنقر الأشقر فإنه كان مقيماً عند الملك السعيد بدمشق، لم يتوجه إلى بلاد سيس، ولحقوا العسكر، فلما سمعوا بوصولها، خرج الأمراء الأكابر المقدمون لملتقاها، وقبلوا الأرض أمام المحفة وبسطوا العتابى وغيره تحت حوافر البغال كما جرت العادة، فلما استقرت بالمنزلة تحدثت معهم في الصلح، والانقياد، واجتماع الكلمة فذكروا ما بلغهم من تغريبة الملك السعيد فيهم، وموافقته الخاصكية على ما يرمونه من ابعادهم، وامساكهم وغير ذلك، فحلفت لهم على بطلان ما نقل إليهم من ذلك، وعدم صحته فاشترطوا شروطاً كثيرة ألزمت لهم بها، وعادت إلى ولدها، وعرفته الصورة، فمنعه من حوله من الخاصكية من الدخول تحت تلك الشروط، وقالوا له: ما القصد إلا إبعادنا عنك ليتمكنوا منك، وينزعوك من الملك فأبى قبول تلك الشروط، فرحل العسكر من مرج الصفر قاصداً إلى الديار المصرية، فخرج الملك السعيد بنفسه جريدة، وساق في طلب اللحاق بهم، ويلاقي الأمراء في معناهم إلى أن بلغ رأس الماء، فوجدهم قد عبروه وبعدوا، فعاد من يومه، ودخل قلعة دمشق في الليل، وذلك ليلة الخميس سلخ ربيع الأول.
وفي يوم الجمعة بعد الصلاة مستهل ربيع الآخر، خرج الملك السعيد بجميع من يخلف عنده من العساكر المصرية والشاميين إلى جهة الديار المصرية في طلب العساكر المتقدمة، وجهز والدته وخزانته إلى الكرك،