للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على دفعهم، وحكى أن سبب خروجهم من حلب أن بعض من استتر بها يئس من الحياة، فطلع منارة الجامع وكبر بأعلى صوته على التتر، وقال: جاء النصر من عند الله، وأشار بمنديل كانمعه إلى ظاهر البلد، وأوهم أن إشارته إلى عسكر المسلمين، وجعل يقول في خلال ذلك: اقبضوهم من بيت البيوت مثل النساء، فتوهم التتر من ذلك وخرجوا من البلد على وجوههم، وسلم الذي فعل ذلك، ولما رجعوا عن حلب ظهر من كان مستتراً بها، ورجع من كان يجفل عنها، وحصلت الطمأنينة للناس. وفي هذه الأيام هرب من عند شمس الدين سنقر الأشقر جماعة من الأمراء ودخلوا في طاعة الملك المنصور وتوجهوا إلى خدمته.

وفي أواخر هذا الشهر خرج الملك المنصور بجميع العساكر لنصرة الإسلام ودفع العدو عن البلاد. وفي يوم الجمعة الثامن والعشرين منه قرئ على المنبر بجامع دمشق بعد صلاة الجمعة مثال سلطاني ورد على الأمير حسام الدين لاجين نائب السلطنة بدمشق، مضمونه: أن الملك المنصور جعل ولده علاء الدين علياً ولي عهده، ولقبه الملك الصالح، وخطب له على المنبر، وعقيب الفراغ من قراءة هذا المثال وردت البشائر برجوع التتر من حلب، وخلوا البلاد منهم، فاستبشر الناس بعزة ولي العهد. ولما وصل الخبر برجع التتر تفرقت العساكر في طلبهم، فمنهم من توجه إلى عين تاب وتلك النواحي، ومنهم من توجه إلى جهة الفرات والبيرة، وجاسوا خلال الديار في تلك الجهات، ثم رجعوا. وكان الملك المنصور

<<  <  ج: ص:  >  >>