رحمه الله مكانة كبيرة، ولما ملك الشام أقطعه عدة قرى، وكذلك كانت حرمته عند أكابر أمراء الدولة، وأعيانها من أرباب السيوف والأقلام، وخدم الملك الظاهر ركن الدين بيبرس في الدولة الناصرية كثيراً عند تردده في تلك الأرض، فلما ملك ترجى محي الدين أن يجازيه على خدمته، ومعرفته له، فلم ينل في أيامه ما أمله، وقد قيل لا تتمنوا الدول فتحرموها، ولما ملك الملك الظاهر جعل محيي الدين المذكور وكيل بيت المال بالشام في أول الدولة، وأعطاه تدريس الشامية البرانية على قاعدة الشيخ تقي الدين محمد ابن رزين وكيل بيت المال في الأيام الناصرية، ثم صرف عن ذلك سريعاً، وطلبه إلى الديار المصرية، ومنعه من العود إلى الشام، وحصل له في إقامته هناك ضرر عظيم، وربما عوق في بعض تلك المدة، ثم جلس مع الشهود بين القصرين، وميز عليهم بأن فوض إليه عقد الأنكحة ثم ولى في آخر عمره قضاء دمياط، وكانت وفاته بها في شهر ذى القعدة، ودفن بها، وقد نيف على الستين رحمه الله.
أحمد بن علي بن المظفر أبو العباس نجم الدين المعروف بابن الحلى التاجر. كان ذا نعمة ضخمة وثروة ظاهرة ومتاجرة متسعة ومعاملات كثيرة وأموال جمة، وله التقدم في الدول، والوجاهة عند الملوك، ويكثر من خدمتهم، ومعاملتهم، وكانت وفاته في أواخر شهر رمضان بالقاهرة سنة ثلاث وست مائة، وخلف تركة عظيمة، حمل منها جملة كثيرة إلى بيت المال، وكان شيخاً لطيف الشمائل، حسن العشرة، كثير المواددة، وعنده تشيع،