وبالجملة فكان حريقاً عظيماً لم يشهد مثله، وخيف على الجامع منه وكان بداية الحريق بين المغرب والعشاء، والناس على الفطر، واستمرت النار تعمل إلى الثلث الأخير من الليل، وهي في قوة وتزيد، ثم تناقصت وخمد لهبها قبل طلوع الشمس، وكان السبب في إخمادها الأمير حسام الدين لاجين نائب السلطنة رحمه الله فإنه لما بلغه خبرها، بطل الفطر وحضر بنفسه وخواصه ومماليكه مسرعاً، وحضر إليه جميع الأمراء ومماليكهم وكثير من الجند، وظهر من اهتمامه في إخمادها ما تضاعفت الأدعية له بسببها، وأقام الدخان يصعد من خلال الأبنية والردوم نحو أسبوع، وتقدم من غد يومه إلى الصاحب محي الدين محمد بن النحاس بعمارة ما احترق، وإعادته إلى ما كان عليه، وندب من جهته مشدا بين يدي الصاحب محي الدين لذلك، وقطعت رواتب الناس كافة على المصالح، وحصل الاهتمام التام من الصاحب محي الدين، فبنى أحسن مما كان، وأتم بالانقاش في مدة قريبة.
وفي ليلة الخميس حادي وعشرين منه وصل إلى دمشق رسل الملك أحمد بن هولاكو من مصر عائدين إلى مخدومهم، ونزلوا بدار رضوان بالقلعة، وسافروا ليلة الأحد رابع عشرين منه إلى بلادهم، ولم يتوجه معهم رسول من جهة الملك المنصور.
وفي يوم عيد النحر وهو يوم الخميس قدم الملك المنصور ناصر الدين محمد صاحب حماة إلى دمشق متوجهاً إلى الديار المصرية إلى خدمة السلطان