على ثمانين سنة من العمر، ولم يتخلف عن شهود جنازته أحد من الأعيان، ولا من الفقراء، ولم يخلف شيئاً من الدنيا ألبتة رحمه الله تعالى ورضي عنه.
محمود بن إسماعيل بن معبد أبو الثناء شرف الدين البعلبكي. كان من صدور بعلبك، وأولى الثروة بها، وله قبول عند الحكام، ومكانة عند كثير من الأمراء وغيرهم، وكان يعاني الزراعة في أملاكه، وعنده كرم نفس، وسعة صدر، وتحمل، ومكارمة، وتوفى وهو في عشر الستين، وخلف أولاد نجباء، وكان أوقف في حال صحته وقفاً جيداً على وجوه البر أثابه الله وتقبل منه وكانت وفاته ببعلبك ليلة الأربعاء العشرين من ذى القعدة، ودفن من الغد عند قبر أبيه برثيا ظاهر باب القطاعة رحمه الله وإيانا.
يحيى بن علي بن محمد بن سعيد أبو الفضل محي الدين التميمي المعروف بابن القلانسي الدمشقي المعروف. كان من أعيان الدمشقيين وأماثلهم، سمع الكثير، وأسمع، وتولى المناصب الجليلة، وكان عنده أدب وفضيلة، وله يد في النظم، وبيته مشهور بالرياسة والتقدم، وتوفى إلى رحمة الله تعالى يوم الأربعاء ثامن وعشرين شوال بدمشق، ودفن من يومه بجبل قاسيون. ومولده بدمشق في تاسع جمادى الأولى سنة أربع عشرة وست مائة. ومن شعره لما وقعت الحوطة على بساتين دمشق، وصعقت تلك الصعقة العظيمة التي لم يعهد مثلها، وكان ذلك في شهر أيار من شهور الروم:
يا جلق الخضراء وقيت الردى ... لم ذا كسوت الدوح ثوب سواد
قالت لقد فارقت أهل مودتي ... فلبست للهجران ثوب حداد