فكانت مقاصده جميلة، وظاهره وباطنه منصرف إلى نصرة الاسلام، واجتماع الكلمة على أعداء الدين، وكان له عدة سفرات إلى الحجاز والشام والديار المصرية، ولما تلقى إلى البلاد الفراتية وأحضر إلى حلب ثم إلى دمشق فكانوا يسيرون به في الليل، ويعرجون عن الطرق، فقال لهم: أنا قد سافرت في هذه الطريق عدة سفرات، ولعلي أخبر بها بكثير من الناس، وكانت منيته رحمه الله مقاربة لمنية صاحبه رحمه الله تعالى.
عبد الرحمن بن إبراهيم بن هبة الله بن المسلم بن هبة الله بن حسان بن محمد ابن منصور بن أحمد البارزى أبو محمد نجم الدين الجهنى الشافعي. وله بحماة سنة ثمان وست مائة، واشتغل بالعلوم الشرعية، والأدبية، والكلامية، والحكمية، وصنف في كثير من ذلك، وروى الحديث النبوي صلوات الله وسلامه على قائله عن جماعة، منهم: الحافظ ضياء الدين موسى بن سيدنا محي الدين عبد القادر الجبلي رضي الله عنهما بدمشق، والشيخ عبد الرحمن بن رواحة بحماة، والشيخ عبد المنعم بن الدقاق الدمشقي وغيرهم؛ وحدث وسمع منه الظاهري وغيره، وتولى القضاء الدمشقي وغيرهم؛ وحدث وسمع منه الظاهري وغيره، وتولى القضاء بحماة نيابة عن والده رحمه الله، وقد تقدم ذكر والده، ثم اشتغل بعد وفاة والده، ولم يأخذ على القضاء رزقاً، وصرف عن الحكم قبل وفاته بسنين يسيرة، وكان شديداً في أحكامه، موفقاً في نقضه وإبرامه، وافر الديانة، حسن الاعتقاد في الفقراء والصالحين، وقصد الحجاز الشريف في سنة ثلاث وثمانين وست مائة، فأدركته منيته في طريق مكة شرفها الله تعالى ليلة الخميس بعد عشاء الآخرة