المراسلة في معنى ذلك، فلما كان يوم الجمعة ثامن عشر الشهر المذكور سلم ورفعت عليه الأعلام الإسلامية، ونزل من به بالأمان على أرواحهم، فركبوا، وجهز معهم من أوصلهم إلى أنطرسوس. وبالقرب من هذا الحصن مرقية، وهي بلدة صغيرة على البحر، وكان صاحبها قد بنى في البحر برجاً عظيماً لا يرام، ولا يصله النشاب، ولا حجر المنجنيق، وحصنه، واتفق حضور رسل صاحب طرابلس إلى السلطان يطلب مراضيه، فاقترح عليه خراب هذا البرج وإحضار من كان فيه أسيراً من الجبليين الذين كانوا مع صاحب جبيل، فأحضر من بقي في قيد الحياة منهم، واعتذر عن البرج أنه ليس له، فلم يقبل اعتذاره عن ذلك، وصمم على طلبه منه، فقيل: إنه اشتراه من صاحبه بعدة قرى وذهب كثير، وهدمه، وحصل الاستيلاء في هذه الغزوة على المرقب، وأعماله، ومن فيه، وبليناس؛ وهذا المرقب هو من الحصون المشهورة بالمنعة والحصانة، وهو كبير جداً، ولم يفتحه السلطان الشهيد صلاح الدين رحمه الله بل ادخره الله تعالى للملك المنصور رحمه الله فحاز أجره وشكره، ولو لم يكن من ضرورة إلا ما فعل أهله بالمسلمين في شهور هذه السنة لكفى، وضرره لا يحد، وأبقاه الملك المنصور، ورم ما تشعث منه، واستناب فيه، ورتب أحواله، وهو لبيت الأسبتار، وأنشئت الكتب بالبشائر بفتحه، فمن ذلك كتاب من السلطان إلى ولده الملك الأشرف صلاح الدين خليل بخط المولى تاج الدين أحمد بن الأثير تغمده الله برحمته ومن إنشائه وهو: