للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثل الدجى عليه سواد المحابر. وينهي أنه سطرها والنصر قد لمعت بوارقه. ونصب بعد النصب على فرق الفرقد سرادقه. والظفر قد أسفر على الفتح المبين صباحه، والتأييد وقد طار به محلق البشائر، فخفق في الخافقين جناحه، والإسلام وقد وطئ هام الكفر بقدمه، والدين وقد عز بفتكات سيفه، فأنف أن يكون الشرك من خدمه، والأفلاك وقد علم أن لهذا الفتح افترقت كواكبها، والأملاك قد نزلت لتشهد أخت النصرة البدرية في صفوفها ومواكبها، وحصن المركب وقد ألفت عليه الملة الإسلامية أشعر سعدها، وأنجزت الأقدار التي ذللته الإسلام أن يتطاول إليه يد الحوادث من بعدها، وقد أحاطت العلوم الشريفة بأن هذا الحصن طالما سحت الأحلام أن تخيل فتحه لمن سلف في المنام، فما حدثت الملوك أنفسها بقصده إلا وتناهى الخجل، ولا خطبته ببذل النفس والنفائس إلا وكانت من روعة الحرمان على وجل، وحوله من الجبال كل شامخ بنهيب عقاب الجو قطع عقابه، ولفف الرياح حسرى دون التوقل في هضابه، ومن الأولى به خنادق لا تعلم منها الشهور إلا بأنصافها، ولا تعرف فيه الأهلة إلا بأوصافها، وهو مع ذلك قد تفرط بالنجوم، وتفرطق بالغيوم، وسما فرعه إلى السماء ورسا أصله في النجوم، تخال الشمس إذا علت أنها تنتقل في أبراجه، ويظن من سها إلى السها أنه ذبالة في سراجه، فكم ذي جيوش قد أمات بعضه، وذي سطوات أعمل الحيل على رؤيته، فلم يفز من نظره على البعيد بغرضه، ولا يعلوه من الطير سوى نسر الفلك ومرزمه. ولا يرمق متبرجات أبراجه غير

<<  <  ج: ص:  >  >>