فجئت إلى الشيخ لأودعه فقال لي عزمت على الحج فقلت نعم يا سيدي غير أن وقتي فقير فقال لي خذ هذين الدرهمين واجعلهما معك ولا تنفقهما فاخذتهما وفعلت كما قال وجئت إلى دمشق ففتح الله تعالى علي فيها بزاد وراحلة وبمائتي درهم فلما حججت وعدت إلى بالس بدأت بالسلام على الشيخ فلما سلمت عليه قال ما فعلت بالدرهمين فأخبرته بما فتح الله تعالى علي ببركتهما فقال قد قضيت بهما حاجتك فهاتهما فقلت لاوالله لا أدفعهما إلى أحد فتبسم وتركهماوما زالا معي ألتمس بركتهما حتى أذهبهما الله مني.
قال وحدثني الشيخ سيف الدين أبو بكر الجرديكي من أصحاب الشيخ أبي الفتح الكناني قال خرجنا مع شيخنا الشيخ أبي الفتح إلى زيارة الشيخ فلما قدمنا عليه أقمنا عنده شهراً وكنا ثمانية عشر رجلاً فلما أردنا السفر استأذناه فلم يأذن لنا وقال لنا لم نجد لكم ثقلاً ولا كلفةً إنه من حين قدمتم علينا وضعت تحت السجادة فلوساً هي ثلاثة دراهم ونحن ننفق منها وهي إلى الآن لم تفرغ أو كما قال.
قال وأخبرنا الصاحب محيي الدين بن النحاس قال كان لي بستان وكان فيه تين ماسوني كبار وكنت أؤخره إلى آخر السنة فقدم علينا الشيخ في آخر السنة فأهديت له من ذلك أربعين تينة وكان وزنها أربعة أرطال بالحلبي وحملها معي إليه ولدي يوسف وكان الشيخ في مشهد قرية علم والناس عنده وهم خلق كثير فقال يا محمد ما هذه الهدية؟ فقلت له تين فقال هذا اليوم طرفة وهو يشتهي وقال للخادم عد الناس