عمره وأعظمهم مكانة وأعلاهم همة وجميع أمراء الأكراد من القيمرية وغيرهم يتأدبون معه ويقفون في خدمته وهم بين يديه كالأتباع مطاعاً فيهم ولم يزل على ذلك إلى أن توفي إلى رحمة الله تعالى في ليلة الاثنين ثالث شعبان من هذه السنة أعني سنة أربع وخمسين وستمائة رحمه الله تعالى وكان كثير البر والمعروف والصدقة ولو لم يكن له من ذلك إلا المارستان الذي ضاهى به مارستان نور الدين رحمه الله تعالى لكفاه.
حكى لي شجاع الدين محمد بن شهري رحمه الله ما معناه أن الأمير سيف الدين المذكور رحمه الله كان تزوج ابنة الأمير عز الدين بن المحلي رحمه الله على صداق كبير وجهزت بجهاز كثير واستصحبها معه إلى الديار المصرية فتوفيت هناك عن غير ولد فلما ملك الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن محمد رحمهما الله تعالى دمشق والشام حضر الأمير سيف الدين من الديار المصرية إلى خدمته وأخذ قماش زوجته المتوفاة وجهازها ومالها من الفضيات والمصاغ وغير ذلك وحمله على عشرين بغلاً ووزن باقي صداقها ومائتي ألف درهم وجعلها في صناديق وحملها على البغال وسير الجميع إلى الأمير نور الدين علي بن المحلي بحكم أنه وارثها مع زوجها فلما وصل ذلك إلى الأمير نور الدين أنكره غاية الإنكار ورده وقال لرسوله الأكراد ما جرت عادتهم يأخذون صداقاً ولا ميراثاً فلما عاد ذلك إلى الأمير سيف الدين قال هذا شيء خرجت عنه