بأمر البيعة أمراً لو رامه غيره لامتنع عليه، ولو تمسك بحبله لانقطع به قبل الوصول إليه، لكن الله أدخر هذه الحسنة ليثقل بها ميزان ثوابه ويخفف بها يوم القيامة حسابه، والسعيد من خفف من حسابه، فهذه منقبة أبى الله إلا أن يخلدها في صحيفة صنعه، ومكرمة قضت لهذا البيت الشريف بجمعه بعد أن حصل إلا يأس من جمعه، وأمير المؤمنين يشكر هذه الصنائع، ويعترف أنه لولا اهتمامك لاتسع الخرق على الراقع، وقد قلدك الديار المصرية والبلاد الشامية والديار البكرية، والحجازية واليمنية والفراتية وما يتجدد من الفتوحات غوراً ونجداً وفوض أمر جندها ورعاياها إليك حين أصبحت بالمكارم فرداً، ولا جعل منها بلداً من البلاد ولا حصناً من الحصون مستثنى، ولا جهة من الجهات تعد في الأعلى ولا في الأدنى، فلا حظ أمور الأمة فقد أصبحت لها حاملاً، وخلص نفسك من التبعات اليوم ففي غد تكون مسئولاً عنها لا سائلاً، ودع لاغترار بأمر الدنيا فما نال أحد منها طائلاً، وما رآها أحد بعين الحق إلا رآها خيالاً زائلاً، فالسعيد من قطع منها آماله الموصولة، وقدم لنفسه زاد التقوى، فتقدمة غير التقوى مردودة لا مقبولة، وابسط يدك بالإحسان والعدل فقد أمر الله بالعدل والإحسان، وكرر ذكره في مواضع من القرآن، وكفر به عن المرء ذنوباً كتبت عليه وآثاماً، وجعل يوماً واحداً منه كعبادة العابد ستين عاماً، وما سلك سبيل العدل