ولا بد من شكوى إلى ذي حفيظة ... يواسيك أو يسليك أو يتوجع
ومن شكا إلى غيره فقد ملكه من نفسه رقاً وأوجب لها عليه حقاً، فالشكوى على هذا القياس مجلبة رق، يجب لأجله اختيار السيد وموجبة حق، يتعين بسببه ارتياد الغريم الجيد، وقد اختار الخادم لرقه سيداً حفياً، وارتاد لحقه غريماً ملياً وفياً:
فشكا إلى الماء الزلال أوامه ... وشكا السقام إلى الطبيب الماهره
وأجل شكواه من المولى بصدر واسع الصدر، ناصع الفخر، قادر على النفع والضر، مبسوط اليد بالخير وحاشاه من الشر:
يرد الحادثات على الموالي ... ويغريها بإرداء المعادي
تصرف في صروف الدهر حتى ... غدت وحزونها أسلس القياد
مقتضياً منه وعداً هو عليه دين قضاؤه واجب، وحق له من أريحيته مطالب، إذا أهمل اقتضاه الطالب، وقد علم المولى من طريقته العزلة في الغزلة والنفار عما يقضي بذله من البذله، والآن فقد نزل به من الضرورات ما أباح له ركوب المحظورات، فإن رأى المولى تصريفه في بعض الخدم اللائقة وإن لم تكن الفائقة ولا الرائقة، فقد استكتب في مثل بغداد فكتب ورسل فانجب وولى بها وبغيرها الولايات الجليلة، وعذق بنظره فيها وفي سواها حفظ الأموال الجزيلة، فنهض في الولاية النهضة المرضية، وسعى في الكفاية على الطريق المضيئة، فالمشير به آمن من أن يخطي، والشفيع له معط سلطانه ضعاف ما استعطى