الناس من ذلك ما أمكنهم وحملوا بحيث شيل معظم ذلك في خرق الحاضرين فلما فرغوا من ذلك شرع المغني في الغناء من النوبة الثانية فرقص هو وغلمانه ومن حضر من الفقراء والمشايخ وغيرهم فلما فرغ المغني من النوبة الثانية مد سماطاً عظيماً من الفواكه النادرة من السفرجل والتفاح الفتحي والكمثرى الرحبي والرمان اللفان والحلو والعنب النادر والبطيخ الأخضر وكانت هذه الفاكهة التي حضرت معدومة في مثل ذلك الوقت يتعذر وجودها على غيره لأن ذلك كان في أواخر فصل الشتاء وإنما كان يدخر له ذلك بالقصد فإن قرية كفر بطنا وزبدين وعدة قرى من الغوطة كانت جارية في إقطاعه وبها الفواكه النادرة فأكل الناس من ذلك ما أمكنهم ثم غنى المغني النوبة الثالثة ورقص الجمع فلما فرغوا مد لهم سماطاً من المكسرات على اختلاف أنواعها من القصب العراقي والفستق والبندق والزبيب الجوزاني والفستق المملح والخشكنان والكعك المحشو والبقسماط المعمول بالسكر والسمن وغير ذلك فأكل الناس من ذلك وحملوا وجميع ما يمد على كثرته لا يرفع منه بقية البتة بل يؤكل منه ما يمكن ويتفارق الحاضرون ما بقي وينهب وجميع ما شرب في تلك الليلة من أولها إلى آخرها من الماء المصنوع بالثلج والسكر وماء الخلاف والورد والمسك والسقاة يملأون الكيزان من ذلك على الدوام ويسقون الناس والمباخر تعمل بالند والعنبر والعود الهندي النادر المعلى من أول الليل إلى آخره.