وخمسمائة قرأ القرآن الكريم ببلده على أبى محمد غلبون بن محمد بن غلبون النحوي والنحو على أبى على الشلوبين وسمع - ٣٦ ألف - بالمغرب والحجاز والشام والعراق وخراسان وحصل الأصول والنسخ وكان مكثراً شيوخاً وسماعاً وحدث بالكثير مدة بالحجاز وديار مصر والشام والعراق وجاور بمكة زمناً طويلاً وكان من أعيان العلماء الأئمة الفضلاء ذا معارف متعددة بارعاً في علم العربية وتفسير القرآن الكريم وله مصنفات مفيدة ونظم حسن وهو مع ذلك متزهد تارك الرياسة حسن الطريقة قليل المخالطة للناس كثير الصلاح والعبادة والحج مقتصد في أموره محقق البحث، محصل الكتب العلمية، مفتن بها، له قبول بسائر البلاد الإسلامية لا يحل ببلد إلا ويكرمه رؤساؤه وأهله وكان أكثر مقامه بالحجاز ومصر والشام وتوفي في منتصف ربيع الأول بين الزعقة والعريش وهو متوجه من مصر إلى دمشق ودفن بتل الزعقة رحمه الله تعالى، ومن شعره قال المبارك بن أبي بكر بن حمدان أنشدني لنفسه بحلب ملغزا باسم يحيى.
أتبكى وما بالقلب من لوعة الحب ... وما قد جنت تلك اللحاظ على لبى
أعارتني السقم الذي بجفونها ... ولكن عذا سقمي على سقمها يربى
على أنني في بثك الحب مثل ما ... يبوح بما في الصدر منه إلى القلب
أما وهواك المذهبي إن مهجتي ... تقسمه بين الصبابة والكرب
وإني ما ذقت الكرى مذ سلبتني ... وما حال من يصبو إذا صد من يسبي