ولما كان الملك الظاهر نازلاً على طرابلس بعث إليه أولاد الصارم مبارك بن الرضى ابن المعالي يستعطفونه عليهم وعلى أبيهم فاتفق الحال على أن ينزلوا من العليقة ويسلموها لنوابه ويخرج والدهم من الحبس ويقطع بمصر خبز مائة فارس ويكونوا عنده فلما نزلوا خلع عليهم وبعث بهم إلى مصر فحبسوا وولى الحصن علم الدين سلطان ثم طلب صارم الدين مبارك في محبسه بعد أيام من وصولهم فلم يعلم له خبر فأمر الملك الظاهر بحبس علم الدين المسروري وإلى القاهرة بسببه ثم شفع فيه فأطلق.
وفي يوم الأحد ثاني عشر شوال وصل إلى دمشق سيل عظيم خرب كثيراً من العمائر وأخذ كثيراً من الناس منهم معظم الحجاج الروميين وجمالهم وأزوادهم فإنهم كانوا نزلوا بين النهرين وبلغ السور فغلقت الأبواب دونه وطما حتى دخل من المرامي وارتفع حتى بلغ أحد عشر ذراعاً وردم الأنهار بطين أصفر ودخل البلد من باب الفراديس وأخرب خان ابن المقدم وأماكن كثيرة وكان ذلك في زمن الصيف فكأن عز الدين أحمد بن معقل رحمه الله أشار إليه بأبياته في سيل مثله وهي:
لله أي حياً حنت روائمه ... وهمهمت أسده والشمس في الأسد
فصب في أغرب الأوقات صيبه ... غروب محتشك الأخلاق محتشد