من حاكم بيني وبين عذولي ... الشجو شجوي والغليل غليلي
عجباً لقوم لم تكن أكبادهم ... لجوىً ولا أجسادهم لنحول
دقت معاني الحب عن أفهامهم ... فتأولوها أقبح التأويل
في أي جارحة أصون معذبي ... سلمت من التنكيد والتنكيل
إن قلت في عيني فثم مدامعي ... أو قلت في قلبي فثم غليلي
لكن رأيت مسامعي مثوى له ... وحجبتها عن عذل كل عذول
ومحاسنه كثيرة ومكارمه غزيرة وتنقلت به الأحوال في عمره فتزهد وصحب المشايخ وانتفع بهم وأخذ عنهم واشتغل على العلماء وحصل وكان كثير البر بمن يصحبه من المشايخ لا يدخر عنهم شيئاً وكانت همته عالية ونفسه ملوكية وعنده شجاعة وإقدام وصبر على المكاره.
حكى لي أنه لما عاد العسكر من إنطاكية مع الأمير علاء الدين طيبرس الوزيري رحمه الله في سنة ستين وستمائة كان المذكور في جملتهم وقد غرق أخوه شقيقه الملك الأفضل نور الدين علي رحمه الله في تلك السفرة فبينا هو يساير بعض الأمراء ويحدثه مر به إلى جانبه رجل يجر جنيباً فضربه ذلك الجنيب كسر رجله فلم يتأوه ولا قطع حديثه ولا ما كان فيه فلما امتلأ الخف بالدم أمر بعض من كان معه أن ينزل ويشق أسفل الخف ليذهب منه الدم وكان يتلقى جميع ما يريد عليه من الأمور المؤلمة بالرضا والتسليم وكان له عقيدة عظيمة في الفقراء والمشايخ وكان جميع أهل بيته يعظمونه ويعترفون بتقدمه عليهم حتى عم أبيه الملك الأمجد تقي الدين بن العادل وكذلك سائر الأمراء وأرباب