للركب الشامي أميراً فقال هؤلاء المصريين والشاميين من اخترت منهم بروح في خدمتك قال أريد جمال الدين بن نهار فطلبه السلطان وقال له هذا المولى نصير الدين قد اختارك على جميع من معي فتروح معه إلى الشام وتخدمه مثل ما تخدمني ولا تزال بين يديه حتى توصله إلى والده فقال السمع والطاعة وانفصل والناس يتستعظموا ذلك من مثل الملك الظاهر وأنه لعظيم منه وكان وجيه الدين كثير المكارمة للأمراء والوزراء وأرباب الدولة يهاديهم ويقضي حوائجهم ويتجر لهم فكان مدار الأمور أو أكثرها عليه وعنده بر للفقراء وصدقة ويعمل في كل سنة من التراييق والمعاجين والأكحال ما يغرم عليه جملة كبيرة ويفرقه للثواب وكان عنده دماثة أخلاق ورقة حاشية وينظم المواليا على رأي البغاددة قال كان صبي من القيمرية حسن الصورة قد تزوج وزف ليلة عرسه بدمشق فنظمت:
لما جلو ذا الصبي كالبدر في حالو ... سبى المواشط وقالو ما قالو
صبي وكردي وكردية من أشكالو ... لولا نبات عذاره لالتبس الحالو
وأنشدته للملك الناصر فأعجبه وكان أقارب ذلك الصبي أكابر أمراء القيمرية فكانوا إذا حضروا يقول على سبيل المباسطة يا وجيه لولا يوهمني أنه ينشد البيتين قدامهم فأضع أصبعي على فمي أي أسكت عني فيضحك وكانت وفاة الوجيه رحمه الله بدمشق في العشر الآخر من شوال أو الأول من ذي القعدة ودفن بسفح قاسيون وقد ناهز السبعين من العمر.