للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتغذي العاطفة القومية صراعات أعدائها من أقوام آخرين، ومطامعهم فيهم، أو في أموالهم، أو في بلدانهم، ومساكنهم.

ورغم أن العاطفة القومية أقوى في الإنسان من العاطفة الوطنية، لأنها تنبع من أنانيته الفردية، وتتسع إلى أنانيته الأسرية، فالقبلية، حتى تصل إلى دائرة القومية، إلا أنها قد تضعف حتى تضمحل أحياناً، إذا كانت روابط الإنسان الاجتماعية والمصلحية والدينية موصولة بغير قومه شركاء العرق، أو شركاء اللغة، والتاريخ.

ودائرة القومية قد تجمع أدياناً ومذاهب مختلفة، وقد يكون أتباعها متنافرين متصارعين متعادين، أو متنافسين متحاسدين، وقد تكون موزعة في أوطان كثيرة، حتى تشمل أوطان الناس جميعاً.

فبين الوطنية والقومية تلاقٍ في بعض عناصرهما وافتراق في بعض عناصرهما، كدائرتين متلاقيتين تلاقياً جزئياً، فكلٌّ منهما أعم من جهة وأخص من جهة.

فبينهما عموم وخصوص من وجه، كما يقول المناطقة، القومية أعم من جهة أن المنتمين إلى القومية الواحدة قد يكونون موزعين في أوطانٍ شتى، وأخص من جهة انحصارها في قومٍ دون غيرهم، والوطنية أعم من جهة اشتمالها على عدة قوميات، وأخص من جهة انحصارها في أرض ذات حدود معينة.

* * *

٣- وأما الإنسانية فهي نزعي ترتقي فوق النزعة القومية، بدوافع يُخيَّل

<<  <   >  >>