العنصر الثاني: الارتباط بالأرض بدافع ديني، ويكون ذلك إذا كان للأرض أهمية دينية في تصور الإنسان أو عقيدته.
كأن تكون الأرض قبلته في صلاته، أو محجّة، أو بلد الرسول الذي يؤمن به ويتبع شريعته، أو مهبط الوحي الذي آمن بما جاء عنه، أو قاعدة انطلاق الأمة الدينية التي ينتمي إليها.
العنصر الثالث: الذكريات الحلوة وإيلافها، فمن عاش في أرض وكان له فيها ذكريات حلوة، أحبها وتعلقت عاطفته بها، وكان له أُنْس بزيارتها من حينٍ لآخر، ويجد نفسه مدفوعة لحمايتها والدفاع عنها.
العنصر الرابع: ما يكون في الأرض من آثار تاريخية وحضارية تتصل بأمجاد الإنسان نفسه، أو أمجاد أسرته، أو قبيلته، أو قومه، أو الأمة التي ينتمي إليها.
فهذه الآثار تشد الإنسان إلى الأرض، عن طريق الوشائج التي تشده إلى أسرته أو قومه أو أمته التي ينتمي إليها، وهي وشائج عاطفية لا عقلية، فهي فرع من فروع الانتماء إلى القوم أو إلى الأمة.
وبالمفهوم المعاصر للوطنية الذي روّجه الطامعون بسلخ المسلمين من حقوقهم في السيادة على الأوطان الإسلامية، اتسع شعار الوطنية، حتى صار في المفهوم الشائع يضم كل سكان الوطن الواحد، ولو كانوا في الأصل نزلاء، أو ضيوفه، أو مقيمين فيه، بعهد أو أمان أو ذمة.
وبهذا التوسيع المقصود الذي يراد به كيد المسلمين مالكي الأوطان الحقيقيين، غدا هؤلاء النزلاء والضيوف المقيمون بعهد أو أمان أو ذمة لهم في الملكية العامة للوطن حقوق متساوية لحقوق مالكيه الأصليين.
وبمكر مدبر انطلقت عبارة:"الدين لله والوطن للجميع". وأطلق مروجو شعار الوطنية بين المسلمين حديثاً لا أصل له، نسبوه إلى النبي، وهو:"حب الوطن من الإيمان".