وهذا التوسيع في حق الملكية العامة المشاعة للوطن، جر إلى التسليم بحق الجميع في إدارته السياسية.
ولما كان هؤلاء الجميع مختلفي الأديان والمبادئ والعقائد، وقد صار لهم جميعاً الحق في الإدارة السياسية للوطن الواحد، بمقتضى مكيدة الزحف الانتقالي من فكرة إلى فكرة، كان لا بد من اللجوء إلى مكيدة أخرى، هي المناداة بفصل الدين عن السياسة، والمناداة بعلمانية الدولة.
ثمّ إن الأخذ بعلمانية الدولة التي تتضمن إبعاد الدين عن الإدارة السياسية لبلاد المسلمين وأوطانهم، قد مكّن الطوائف غير المسلمة فيها من الوصول إلى مراكز الإدارة السياسية، والقوة العسكرية، حتى مستوى القمة أو قريباً منها.
وتدخلت ألاعيب كيدية كثيرة خارجية وداخلية معادية للإسلام والمسلمين، في تهيئة الظروف السياسية، وتقبلت جماهير المسلمين ذلك ببراءة وغفلة وحسن نية، وكان بعض قادتهم السياسيين والعسكريين وغيرهم عملاء وأجراء لأعدائهم.
ثمّ لما تمكنت هذه الطوائف غير المسلمة من القوى الفعالة داخل بعض بلاد المسلمين، كشفت الأقنعة عن وجوهها التي كانت تخادع بها، وتدّعي الإخاء الوطني، وصارت تدعي أن الوطن لها، وأخذت تنبش الدفائن لتستخرج مزاعم تاريخية قديمة، سابقة للفتح الإسلامي، وهذه المزاعم لا أساس لها من الصحة.
ثمّ أخذت تفرض سلطانها بالقوة في هذه البلاد، مؤيَّدةً من الدول الكبرى المعادية للإسلام والمسلمين، وحارب الأكثرية المسلمة بضراوة وحق، وأخذت تحرمها من حقوقها في أوطانها، حتى جعلتها بمثابة أقليات مستضعفة.
ونسفت الطوائف غير المسلمة بعد تمكنها أفكار الحق الوطني