ثمّ خبت وقدة النزعات القومية، واتجه العالم الغربي إلى نزعات غير قومية، ضمن الاتجاه العلماني اللاديني، فمنها ما اتجه شطر الالتقاء على المصالح المشتركة الاقتصادية أو السياسية أو الدفاعية، ومنها ما كان لقاءً على وحدة فكرية عالمية، غير ذات حدود إقليمية أو وطنية أو قومية، ولم يكن باستطاعتهم أن يجتمعوا على دين، لأنهم قد أسقطوا الدين من عقائدهم ومن روابطهم السياسية، ومعظم روابطهم الاجتماعية. وبقايا الدين فيهم أمست شخصية.
ولمّا أذنت شمس القومية تتجه إلى الغروب في أوروبا والعالم الغربي كلّه، بدأت تظهر في بعض شعوب العالم الإسلامي، بمكايد مدبّرة.
* * *
ظهور شعار القوميات بين الشعوب الإسلامية في هذا العصر:
وضمن مخطّط المكايد الخطيرة التي دبّرت ضدّ الإسلام والأمّة الإسلامية قامت بين المسلمين دعوات القوميات، كالقومية العربية بين العرب، والقومية الطورانية بين الأتراك، والقومية الكردية بين الأكراد، والقومية الفارسية بين الفرس، والقومية الشركسية بين الشركس، ونحو ذلك ...
ومن العجيب أن أئمة دعوة القومية العربية بين العرب لم يكونوا من أصول عربية، ثمّ كان الذين حملوا شعاراتها بقوة داخل الشعوب العربية هم من الطوائف غير المسلمة، وانساق معهم مفتونون من أبناء المسلمين،