للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القوميات يعرفون أنها ستجرّ إلى أمثال هذه الحروب.

وظهرت بعض قوميات عرقية أخرى، منها ما أدى إلى اجتماع متفرقات دويلات، ومنها ما أدى إلى انفصال أقوام وتكوين دول مستقلة.

ثمّ قامت في الغرب أبحاث علمية أكّدت أن وحدة الأصل والعرق من الأمور التي لا تتحقق، وعمّم هؤلاء الباحثون أحكامهم على كل الشعوب، بيد أن التعميم يفتقر إلى أدلة إثبات، وإن كان هذا لا يعنيني في هذا المجال.

ولمّا زحفت الفكرة القومية إلى الشعوب الإسلامية، أراد دعاتها أن يفصّلوا عناصرها تفصيلاً يتناسب مع خطة عزل الدين الإسلامي ومقاومته، وجمع أكبر قدر ممكن من غير المسلمين في إطار القومية التي يدعون إلهيا، وإضعاف مركز الأكثرية العرقية التي تدين بالإسلام.

لقد كان لزاماً عليهم في الدرجة الأولى استعباد عنصر وحدة الدين، لأن الهدف من إنشاء فكرة القومية الحديثة مقاومة الدين، وعزله عن السياسة والمجتمع.

ثمّ نظروا إلى الهيكل الاجتماعي الذي أرادوا أن يلبسوه لباس القومية، ففصلوا عناصر القومية على وفقه.

فحذفوا من القومية عنصر وحدة الأصل والعرق، ولو تحقق، حذفاً كليّاً، لئلا يكون داعياً إلى احتلال المعروفين بسلامة أعراقهم القومية مركز الصف الأول، وهؤلاء هم الأكثرية المسلمة، واحتلالُهم مركز الصف الأول من شأنه أن يُبقي للإسلام ثقلاً حقيقيّاً داخل نزعة القومية، وهذا أمر يعارضونه أشدّ المعارضة، ويقاومونه أعنف المقاومة، إنهم لم يأتوا بنزعة القومية إلا لقتل الإسلام بها في نفوس المسلمين.

ولما حذفوا عنصر وحدة الأصل والعرق انتقلوا إلى التأكيد على عنصر

<<  <   >  >>