للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحدة اللغة، وقدم مفلسفوهم الأدلة على قوة هذا العنصر في توثيق الرابطة القومية، وتكوين الأمة القومية.

واعترضتهم مشكلة المهاجرين من بلاد عربية هم أو أجدادهم، وهم لا يحسنون اللغة العربية، وقد صارت لغتهم لغةً أخرى ويهمهم تكثير الأقليات غير المسلمة بهم في البلاد العربية، فوضعوا لهم فكرة استرجاعهم إلى الانتماء للأصل العربي، حتى يكتسبوا بهم ثقلاً للأقليات غير المسلمة، وقد جاء هذا متأخراً عن تدوين أفكار القومية.

وغدت وحدة اللغة قابلة للتمطيط، فمن كانت لغة آبائه أو أجداده العربية فهو عربي، ومن كان ينطق العربية فهو عبي، ولو لم تكن أصوله عربية، ويُغضُّ النظر عن التدقيق في عناصر القومية الأخرى.

أما العنصر الثاني الذي ركّزوا عليه، وجعلوا له دوراً مهماً في تكوين الأمة القومية، فهو عنصر "وحدة التاريخ".

قال ساطع الحصري: إن "وحدة الأصل" يجب أن تخرج من كل تعريف يتعلق بمعنى الأمة، فمن الأوفق الاستعاضة عن ذلك بـ"وحدة التاريخ" لأن وحدة التاريخ هي التي تلعب أهم الأدوار في تكوين "القرابة المعنوية" ... وفي توليد "وهم وحدة الأصل" الذي يسود الأذهان هـ.

ونلاحظ أنه لدى تطبيق القوميين عنصر "وحدة التاريخ" على واقع الشعوب العربية، نجدهم يقفزون عن تاريخ العرب المسلمين، لأنه لا يمثل وحدة تاريخ بين كل العرب، مسلميهم وغير مسلميهم، فغير المسلمين من العرب قد يغيظهم جداً تاريخ العرب المسلمين، بل قد يحقدون عليه، وهم لا يعترفون بأنه تاريخ لهم، إنما هو تاريخ خصومهم أو أعدائهم، فكيف يكون أحد العناصر التي تربطهم بالأمة العربية. هؤلاء لهم تاريخ خاصّ بهم غير تاريخ العرب المسلمين، ولو عاشوا بينهم أقلية.

<<  <   >  >>