وحينما يقفزون عن تاريخ العرب المسلمين، يسقطون على تاريخ عصور الجاهلية العربية، البائدة والعاربة والمستعربة، ويجمعون مقتطفات من التاريخ العربي بعد الإسلام، بشرط أن لا يكون فيها تأثير إسلامي. ويهتمون بإظهار ما يتعلق بتاريخ غير المسلمين من العرب، وتزيينه وتحسينه، وإضفاء الألقاب الفخمة عليه، مما يجعل له في أذهان دارسيه ذكريات أمجاد، وللأقليات الطائفية النصيب الأوفى من هذا التاريخ المنتقى بعناية فائقة.
إذن: فللإيهام بصحة انطباق عنصر "وحدة التاريخ" على كل الناطقين باللغة العربية، مسح القوميون من التاريخ العربي الذي كتبوه ودرّسوه في مناهج التعليم كل ما هو إسلامي مجيد، وسلطوا الأضواء على غيره ممجدين معظمين، وإن اضطروا إلى ذكر تاريخ العرب المسلمين مرّوا عليه كالبرق الخاطف، وأبرزوا منه هنواته فقط.
ولا يهمل مفلسفو القومية العربية العناصر التالية:
o وحدة المشاعر والمنازع.
o وحدة الآلام والآمال.
o وحدة الثقافة.
ولكنهم يجعلونها نتائج طبيعية "لوحدة اللغة" و"وحدة التاريخ".
ويصرّون على حذف "وحدة الدين" وهذا في مقدمة ما يحذفون من عناصر، ثمّ يحذفون مما يذكر الناس من عناصر تكوين الأمم: وحدة الدولة، ووحدة الحياة الاقتصادية، ووحدة الأرض، أي الاشتراك في الرقعة الجغرافية، لأن هدفهم الآن نشر القومية.
يقول "ساطع الحصري" كبير مفلسفي القومية العربية، مبيناً الحقائق التي توصل إليها بعد درس وتمحيص النظريات المختلفة، وبعد استعراض واستنطاق الوقائع التاريخية: