بل إنها تشمل كل من ينتسب إلى البلاد العربية ويتكلم باللغة العربية.
سواءٌ أكان مصرياً، أو كويتياً، أم مراكشياً ...
وسواءً أكان مسلماً، أم مسيحياً.
وسواء أكان سنياً، أم جعفرياً، أم درزياً.
وسواءٌ أكان كاثوليكياً، أم أرثوذكسياً، أم بروتستانتياً..
فهو من أبناء العروبة، ما دام ينتسب إلى بلاد عربية، ويتكلم باللغة العربية..".
وهكذا استطاعت الفكرة القومية بحيلتها الكَيْدِيَّة، أن تسلب المسلمين العرب، وهم الكثرة الكاثرة، كثيراً من حقوقهم السياسية والإدارية، والاقتصادية، وحقوقهم في السيادة على أرضهم، وغير ذلك، لصالح الأقليات غير المسلمة، التي لم تكن تحلم بها.
وكان من شأن هذه الأقليات بعد ذلك أن استغلت فكرة القومية لصالح طوائفها، دون أن تتنازل شعرة واحدة عن عصبياتها الطائفية المضادة للإسلام والمسلمين، ووقائع الأحداث في كثير من البلاد العربية تشهد بذلك.
لقد ظهر بما لا يدع مجالاً للشك لدى التطبيق على المجتمع البشري، أن شعار القومية بكل عناصرها لم يستطع أن يوحّد بين أتباع الأديان والمذاهب والمبادئ المتناقضة المتعارضة، فثبت سقوط الفكرة من أساسها، وثبت أن عناصر القومية غير صالحة لتكوين أمة، أفرادُها يتّبعون مبادئ ومذاهب ومناهج وعقائد متباينة متناقضة متضادّة الاتجاهات.
ولا يستطيع الإنسان أن يكون خالياً على الدوام من مبدأ، وعقيدة في الحياة، ومذهب في السلوك يسير على وفقه، ولن يتفق الناس على مبدأ وعقيدة ومذهب، لأنهم لا يستطيعون توحيد أهوائهم ورغباتهم ومصالحهم، ولا يستطيعون التخلّص من أنانيتهم الضيقة أو الموسعة قليلاً.