للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

o وفي سن النضج يميل غالباً إلى اعتماد الواقع، واستبعاد العِلَل والغايات.

ورأى أيضاً أنه رغم التنافر بين هذه الحالات الثلاث، فإن الإنسان الواحد قد يجمع بينها في وقت واحد، فيقبل تفسيرات لاهوتية، أو تفسيرات ميتافيزيقية في بعض الموضوعات، مع قبوله العلم الواقعي في موضوعات أخرى هل على وجه العموم أقلّ تعقيداً.

كما أن هذه الحالات الثلاث قد تجتمع في مختلف الأفراد، وفي مختلف الشعوب في الزمن الواحد من العصر الواحد.

* * *

(٤) وانتهى الرأي لدى "أوجست كونت" إلى إثبات أن اللاهوت ينجم أولاً، ثمّ تظهر الميتافيزيقيا فتعارضه، وأخيراً يولد العلم الواقعي (أي: العلم القائم على الملاحظة والتجربة) الذي هو وحده القادر على البقاء، لأن الحالتين السابقتين حالتان قائمتان على الخيال، وبسبب ذلك كانتا دائماً مَبْعَثَ ظنونٍ جديدة، ومناقشات جديدة.

بينما يقوم العلم التجريبي مستنداً إلى الواقع، فيجمع العقول على وحدة الرأي، ويحلُّ محلَّهُما تِلقائيّاً، إذ تسقطان من أنفسهما.

* * *

(٥) وأضاف "كونت" أن التجربة ستبقى محدودة دائماً بالنسبة إلى الظواهر الطبيعية التي لا يستطيع حصرها، لذلك فإن كثيراً من هذه الظواهر ستبقى خارج علومنا.

وبما أن الظواهر متباينة، فإن من المتعذر علينا أن نرُد العلوم بعضها إلى بعض، وكذلك من المتعذر أن نَرُدَّ القوانين إلى قانون واحد، لذلك فلا يمكن أن تنتهي الحالة الواقعية إلى وحدة مطلقة، مثل "الله" في الحالة اللاهوتية، ومثل "الطبيعية" في الحالة الميتافيزيقية.

<<  <   >  >>