عديمة الإدراك، عديمة الفكر، عديمة الإحساس، وأنها بالتطور الذاتي ارتقت صفاتها حتى وصل الكون إلى ما هو عليه الآن.
ثالثاً: وتزعم المادية أن المادة الأولى للكون الأزلية، فهي إذن أبدية، وحين تدمغهم أدلة حدوث الكون يقولون: لا نعرف كيف وجد الكون، كما لا يعرف المؤمنون بالله كيف وُجد الخالق، ويقيسون هنا قياساً فاسداً، إذ يقيسون الأزلي الذي لا بُدَّ من وجوده عقلاً، ووجوده هو الأصل، على الحادث المسبوق بالعدم، والذي لا يصح وجوده عقلاً ما لم يوجده الأزلي.
ويقول الماديون، لا توجد علة للكون، والطبيعة بنظامها التام خرجت من العماء الصرف، أي: من العدم الكلي، ويلتزمون بهذا الادعاء قبول المستحيل العقلي البدهي الاستحالة.
فإذا سألت الماديين: كيف يُنتج العماء الصرف أو العدم الكلي شيئاً موجوداً له صفات وخصائص وأوزان وحجوم وطاقاتٌ وقوى؟. قالوا: لا ندري، لكن الأمر هكذا.
وإذا سألتهم: كيف يُنتج العماء الصرف أو العدم الكلي نظاماً بديعاً؟ . وكيف يظهر القصد الحكيم من غير ذي إرادة وعلم وحكمة؟. وكيف تتفجر الحياة من غير ذي حياة؟ . قالوا: لا ندري، لكن الأمر هكذا.
وقالوا: هو النشوء والارتقاء. وقالوا: هي طبيعة المادة متى تشكلت بوضع خاص. وقالوا: هي المصادفة.
وكذبوا في كل ذلك، والواقع يرفضه، ومنطق العقل يرفضه.
رابعاً: وتزعم المادية أن الإحساس في الحياة إلى درجة وعي الذات ووعي ما يجري حولها من الكون، حتى مستوى الفكر العالي في الإنسان، إنما كان نتيجة تطور المادة تطوراً ذاتياً ارتقائيا ًوبناءً؛ على هذا تزعم المادية أن الأفكار إنما هي انعكاس حركة المادة على الدماغ، وأن المعرفة صورة يصطنعها الدماغ بإحداث الروابط بين الصور التي تنعكس عليه من المادة.