للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحيانًا كما في قوله تعالى: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: ١٢٥]، وإن كانت بغَيْر عِلْم فإنها مَذمومة، فمَن يُجادِل بإيراد الحُجَج والعِلَل الواهية؛ لإِفْحام خَصْمه ونَقْض قوله ولو بالباطِل؛ فهذا من المُنكَر المُحرَّم، قال تعالى: {وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ} [غافر: ٥].

قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ}: {فِي اللَّهِ} هل المُراد في ذاته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أوِ المُراد في رُبوبيته أو أُلوهيته، أو أَسمائه وصِفاته، أو أَحكامه وأَفعاله؟

الجَوابُ: تَشمَل كل هذا، فمِن الناس مَن يُجادِل في ذات اللَّه تعالى، فهو يُنكِر وجود اللَّه تعالى أَصْلًا، ويُجادِل في ذاته، ومن الناس مَن يُجادِل في وَحْدانيته، يُقِرُّ به، لكن يُنكِر الأُلوهية، ومنَ الناس مَن يُجادِل في أُلوهيته، أي: في تَفرُّده في الأُلوهية، ومن الناس مَن يُجادِل في أَسْمائه وصِفاته، وأكثر ما وقَع فيه الجدَل بين المسلمين في باب الأسماء والصِّفات، وهذا بين المُسلِمين! وليس بين المُسلِمين والكافِرين، لكنِ المُسلِمون الذين يَنتَسِبون إلى الإسلام ويُسمَّوْن أهلَ القِبْلة، هؤلاءِ كثُرَ الجَدَل بينهم في باب أسماء اللَّه تعالى وصِفاته.

كذلك من الناس مَن يُجادِل في أحكام اللَّه تعالى، وما أكثَرَ المُجادِلين في أحكام اللَّه تعالى! تَجِده يُجادِل، تَقول: هذا الشيءُ حرامٌ. ثُمَّ يَأتِي ويُجادِلك: ما الذي حرَّمَه؟ وما الفَرْق بين كذا وكذا؟ وهاتِ الدليلَ، وهذا الدليلُ مَنقوض، وهاتِ التَّعليلَ، وهذا التَّعليلُ باطِل، وهكذا.

قوله تعالى: {بِغَيْرِ عِلْمٍ} أما إذا كان بعِلْم فليس فيه ذَنْب، لكن بغير عِلْم ففيه ذنب.

كذلك من الناس مَن يُجادِل في أفعال اللَّه، فيَقول: لماذا أَنعَم اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى

<<  <   >  >>