للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [البقرة: ٢٥٦].

قوله تعالى: {وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} لمَّا بيَّن أنَّ الذي يُسلِم وجهَه إلى اللَّه تعالى وهو مُحسِن أنه مُستَمْسِك بالعُروة الوُثْقى، وأن الإنسان في حال الإسلام إلى اللَّه تعالى والإحسان قد يَعتَريه أمور يَشُكُّ هل هو مُستَمْسِك بالعُروة الوثقى أم لا؟ مثل أن يَتَخلَّف عنه النَّصر في يوم من الأيام وما أَشبَه ذلك، فيَخشَى أن يَكون على غير حَقٍّ، فبَيَّن اللَّه تعالى أنَّ عاقِبة الأمور إلى اللَّه تعالى.

وهذا كقوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٤٠) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (٤١)} [الحج: ٤٠ - ٤١]؛ لأنَّ الإنسان قد يَقول: ما قيمة هذه الأشياءِ بالنِّسبة للقَنابل والصواريخ، وما أَشبَه ذلك؟ فبَيَّن اللَّه تعالى أن عاقِبة الأمور للَّه تعالى؛ فأنت ما دُمْت قُمْت بأسباب النَّصْر التي بيَّنها اللَّه تعالى لك؛ فلا يَخْدَعَنَّك ما أُعطِيَ أعداءُ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من القُوَّة المادِّية؛ لأنَّ هذه القُوَّة المادِّية تَتَضاءَل بكلِمة من اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فإذا أَراد عَزَّ وَجَلَّ أن يَخسِف بهم جميعًا الأرض، أو يُفسِد عليهم مُعدَّاتهم قال: (كُنْ فيَكون)، ولهذا أَعقَبَها بقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُور}، حتى لا يَستَبعِد الإنسان نَصْر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بسبب ما أُوتِيَ أعداؤُه من القُوَّة؛ لأنَّ العاقِبة للَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ وهذه مِثلُها أيضًا، فيُسلِم الإنسان وجهَهْ للَّه تعالى وهو مُحسِن، ويَنتابُه بعضَ الأحيان شُكوك، وهل هو على حَقٍّ أم على غير حَقٍّ، وهل هذا الاستِمْساك حقيقيٌّ أم لا؛ فبَيَّن اللَّه تعالى أن عاقِبة الأمور إلى اللَّه تعالى، وأنك متى أَسلَمْت وجهَك إلى اللَّه تعالى وأنت مُحسِن فلا بُدَّ أن تَنجوَ.

وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}: (إلى) تُفيد الغاية؛ يَعنِي:

<<  <   >  >>