للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من فوائد الآية الكريمة:

الْفَائِدَة الأُولَى: أن الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كان يَحزَن لكُفْر مَن يَكْفُر، لقوله تعالى: {فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ}.

فإن قال قائِل: هذا ليس بصريحٍ على ذلك!

قلنا: إذا لم يَكُن صَريحًا فإنه يَدُلُّ على أنَّ ذلك مُتَوقَّع من الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، إذ لو لم يَكُن مَوْجودًا أو مُتَوقَّعًا، لكان النَّهيُ عنه لا فائِدةَ منه، وقد قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ في آية أُخرَى ما يَدُلُّ على أنه كان يَحزَن كما في قوله تعالى: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٣)} [الشعراء: ٣]، وقال تعالى: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ} [هود: ١٢]، وما أَشبَهَ ذلك مِمَّا يَدُلُّ على أن الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كان يَحزَن.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّ كلامه عَزَّ وَجَلَّ بصَوْت مَسموع؛ لقوله تعالى: {فَنُنَبِّئُهُمْ}؛ لأنَّ ما لا يُسمَع لا يَكون فيه إنباءٌ؛ فلا إنباءَ إلَّا بصَوْت مَسموع، وهذا الصوتُ ليس كأصواتِ المَخلوقين، بل هو أَعظَمُ وأجَلُّ؛ ولهذا إذا تكلَّم اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بالوَحْي صَعِق أهلُ السَّمَواتِ وارْتجَفَتِ السمَوات، ومَعلوم أنَّ صَوْت أَحَدٍ منَ الخَلْق لا يَحدُث منه هذا الشيءُ، ولكن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَعظَمُ وأَجَلُّ.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: إئباتُ عِلْمِ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: التَّخويفُ من مُخالَفة الإنسان باطِنًا، لقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} فإيَّاكَ والمُخالَفةَ في الباطِن، لا تَقُلْ: إنني لم أُظهِر، ولا أَحَدَ يَعلَم،

<<  <   >  >>