للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"وممَّا يَدخُل في الإيمان باليوم الآخِر كلُّ ما أَخبَرَ به النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِمَّا يَكون بعد الموت"، كلُّه من اليوم الآخِر، فهم بعد هذا المَتاعِ يُلجَؤُون إلى العَذاب -والعِياذ باللَّه-.

وقوله تعالى: {نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ} العَذاب: العُقوبة، و {غَلِيظٍ} يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: إنه [عَذاب النار] وضِدُّ غَليظ: رقيق.

وغِلَظ عذاب النار في كَيْفيته وفي نَوْعه -والعِياذُ باللَّه-:

أمَّا الكيفيةُ؛ فإِنَّ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقول: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} [النساء: ٥٦]، ويَقول فيما يُعذَّبون فيه: {كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (٩٧)} [الإسراء: ٩٧]-والعِياذُ باللَّه تعالى-.

أمَّا نَوْعه: فإنه لا يَخطُر بالبال ولا بالخَيال؛ فيُسْقَوْن ماءً حميمًا، فإذا ماتوا من العطَش واستَغاثوا وطلَبوا الغَوْث فإنهم يُغاثون: {بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ} [الكهف: ٢٩]، وهو الرَّصاص المُذاب -والعِياذُ باللَّه- {يَشْوِي الْوُجُوهَ} [الكهف: ٢٩]، فإذا أَقبَل على الوجه شَوَى الوَجْه؛ وإذا نَزَل إلى الأمعاء: {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} [محمد: ١٥] وأحيانًا يُسقَوْن من ماء صديد: {يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} [إبراهيم: ١٧].

فهذا العَذابُ -والعِياذ باللَّه- بأنواعه الشديدة العَظيمة، يَستَحِقُّ أن يُوصَف بأنه عَذاب غَليظ، ليس فيه رِقَّة ولا دِقَّة، بل هو غَليظ شديد.

وقول المُفَسِّر: [وهو عَذاب النار {وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا} [النساء: ١٢١]] قوله تعالى: {وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا} هكذا في القُرآن، يَعنِي: لا يَجِدون مَفَرًّا

<<  <   >  >>